Saturday, July 16, 2011

فقدان الهوية


أخذت قسطا من الصمت بشأن ما عاشته الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية، منذ انطلاقة الربيع العربي، وتساقط النظامين التونسي والمصري تباعا، وقد أعربت عن رأيي في النزول إلى الشارع في بوست سابق في فبراير الماضي، هنا للرابط


فضلت الصمت بعد رغبة بعض النواب في النزول إلى الشارع في جمعات مختلفة لإزاحة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد، لاسيما بعد إعادة تكليفه بتشكيل حكومته السابعة، والتي واجهت استجوابا من النواب د. وليد الطبطبائي، محمد هايف، إضافه إلى مبارك الوعلان.


جناح المعارضه والذين لا يتجاوزون الثمانية عشرة نائبا من أصل خمسين، هم في الأساس أقلية برلمانية، ليس بخسا في حقهم أو تقليلا، وإنما وضع النقاط الواضحة على الحروف، ولعل صحيفة "القبس" في افتتاحيتها هنا وضعت الواقع المرير للمعارضة في حينه، يمكنك الإطلاع عليها هنا.


ولكن هل مجلس الأمة السلطة التشريعية باستطاعتها الإصلاح، وإن لم تستطع فهل لديها القدرة على ذلك، هل بإمكان النائبين أحمد السعدون ومسلم البراك انتشال البلد وحمايته عما يزعمون بحمايته من رئيس الوزراء؟، إن الجواب معروف في أنفس جميع الكويتيين، وهو "لا".


إن بلدنا الكويت في مرحلة الاحتضار، لا يمكنك أن تشفي مريضا يعاني من مرض عضال لا علاج له، إن سمو أمير البلاد الراحل الشيخ مبارك الكبير وضع اللبنات الأساسية لبناء كويت الحديثة الاقتصادية، ثم جاء سمو أمير البلاد الراحل الشيخ عبدالله السالم الذي وضع رؤيته في استقلال الكويت، وإعادة بناء الكويت من جديد، بدأها في ضخ الأموال على القطاع النفطي، الصمام الرئيسي لقلب الكويت النابض، وسعى إلى الاستثمار في التعليم، وأكمل مسيرته الشيخ صباح السالم في بناء جامعة الكويت، وتحفيز مهنة التعليم.


كانت هناك رؤية في كيف ستكون عليها البلاد في المستقبل، وبناء على هذه الرؤية كانت البلاد تسير، ولم يغفل الدستور عن هذا الشيء، ففي المادة ١٠٤ منه تنص على أن يفتتح سمو أمير البلاد دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة، ويلقي فيه خطابا أميرا يتضمن بيان أحوال البلاد، وأهم الشؤون العامة التي جرت خلال العام المنقضي، وما تعتزم الحكومة إجراءه من مشروعات وإصلاحات خلال العام الجديد.


ولكن وجدنا أنفسنا في العام ٢٠١١ في بداية المنزلق الخطير ماليا، الدولة مهيئة للإنهيار والإفلاس، استقرت ميزانية العامة للدولة عن السنة المالية ٢٠١١\٢٠١٢ على ١٩ مليار و ٤٣٥ مليون دينار، مع توقعات بزيادة المصروفات خلال السنة المقبلة مع تزايد الباب الأول من الميزانية المتعلق في الرواتب مع دخول الخريجين في الجامعة إلى سوق العمل، واستثمارات كبرى تصل إلى ٢٢ مليار، وخلال أربعة سنوات ستصل الميزانية إلى ٤٤ مليون دينار، وهذه أرقام خطيرة لدولة مثل الكويت.


ماذا فعل النواب في هذه العملية؟ في هذا الإصلاح الجذري؟ لا شيء، كيف سيفعل النواب أدواتهم الدستورية في مثل هذه القضية مجددا لا شيء.




إن الدولة تعاني من فقدان للهوية، إن دولة مثل الكويت التي يعتمد دخلها الرئيسي بمقدار ٩١ في المائة على النفط، هي دولة غير الاقتصادية، تفتقر إلى قوانين حديثة للشركات التجارية والوكالات التجارية، إلى قوانين متخصصة للخدمات اللوجستية، لا تمتلك قوانين لمكافحة غسل الأموال، هي دولة لا يعمل موظفيها في القطاع الأهلي.


المثير للسخط أن الكويت أقرت في ٢٠١٠ قانون العمل في القطاع الأهلي.


الكويت الدولة النفطية الثانية في المخزون النفطي الاستراتيجي تخفي معلوماتها عن مجلس الأمة، وتتخذ قراراتها بمزاجية على أنفسهم دون غيرهم، حتى أن النواب بسلطتهم الدستورية المنصوص عليها في السؤال وحق الجواب، حجبوا من المعرفة، لأن القطاع النفطي يدار بمزاجية " ونفطنا وكيفنا".


الكويت الدولة الوحيدة التي تحتكر الأراضي الفضاء الصحراوية، وتمتلك ٩٣ في المائة من الأراضي في الكويت، وهي التي هيمنت على القطاع الخاص، تمتلك نسب كبيرة في سوق الأوراق المالية، وذلك لإنقاذ الاقتصاديين والتجار، هذه الحكومة تقول أنها تمضي في الطريق إلى الديموقراطية، بينما سلوكها شيوعي بغيض.


هل وجدنا نوابا يتحدثون عن هذه القضية؟ عن دور الدولة في خدمة المجتمع؟ عن دور جمعيات النفع العام؟، الدولة قايضت مجتمعها إلى العام ٢٠٠٤، حين اشترطت إشهار جمعيات النفع العام بتوقيع تعهدا بالاستغناء عن الدعم المالي وتوفير الأراضي لإقامة تلك الجمعيات مقابل الحصول على الإشهار الرسمي من الحكومة.


الكويت هي من رفضت الاعتراف بالجمعية الكويتية لحقوق الإنسان والتي أنشأت تحت الإشهار منذ العام ١٩٨٩ إلى العام ٢٠٠٤، هل تحرك أحد من النواب لمعالجة هذا الأمر؟


ماذا قدم نواب مجلس الأمة إلى المجتمع الكويتي؟ إن المواطن في دولة الكويت ليس له الحق في التوصل إلى المعلومة، ليس له حق في الاستفسار عن قانون أصدرته الحكومة، وليس له حق في المطالبة بأي معلومة، هو مجتمع هش ضعيف هزيل متخلف العقل والدين.


الحكومة تحارب الاستجوابات بالفتاوى الدينية بتحريم النزول إلى الشارع، تحارب المواطن في شتى المجالات، في حقه بالسكن، في حقه في توفير رعاية صحية إنسانية، في حقه في قراءة ما يشاء من كتب و مجلات، حتى أنه سلب حق الاحتفال بالحفلات الغنائية، والتي وضع الإسلاميين ضوابطهم الثالثة عشرة التي تدخل في قميص المطربة و هيأتها، حتى منعت الجمهور من التمايل وحتى التراقص على النغمات!


إن الكويت تحتضر وستموت.. ولن يملك أي أحدا منكم أو من نوابكم ممثليكم في مجلس الأمة من الفتوة أن يصلحوا الوضع، لأنهم ليسوا في مستوى الذكاء أو رجاحة العقل، ولم يدخلوا المجلس لتمثيلكم، أو خدمة مصالحكم أو الذوذ عن الحريات أو الأموال العامة، بل دخلوا لإرضاء ذواتهم، ورغباتهم الشخصية، فلان نائبا في البرلمان، يكتب له من بعض الصحافيين ما يقوله، وتنشر صوره في وسائل الإعلام. أما أنتم.. فلا عزاء لكم. لأنكم جبناء، لم توصلوا من يستحق التمثيل أو من له ضمير، وهي مخرجات تربيتكم.




المادة٩١ من الدستور تقول " قبل أن يتولى عضو مجلس الأمة أعماله في المجلس أو لجانه

يؤدي أمام المجلس في جلسة علنية اليمين الآتية " أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وللأمير,وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة, وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله،وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق "


فهل بروا بقسمهم؟