Thursday, August 30, 2012

الديموقراطية المثالية




" الديموقراطية بالمعني الصحيح هي أن يشارك أكبر عدد ممكن من الشعب في الأمور العامة، وكلما كان نطاق الدائرة أقل كلما قربنا التمثيل من الديمقراطية الصحيحة، بل إذا كنا نستطيع أن نجعل رجل الشارع العادي ذاته يشارك في الأمور العامة نكون قد وصلنا للوضع المثالي ومهمتنا الوصول إلى الوضع الديموقراطي المثالي ما أمكن، والصعوبات العملية الموجودة في الدول الكبيرة غير موجودة في الكويت."
أستاذ القانون الدستوري المرحوم د. عثمان خليل عثمان
مضبطة  لجنة الدستور التابعة للمجلس التأسيسي.

لدي وجهة نظر شخصية في ما يحدث في الكويت أخيراً، وربما ترابط الأمور مع بعضها لبعض زاد الأمور سوءً، ولكن انحراف وتقاعس السلطات الثلاث في البلد عن أداء مهامها بالشكل المطلوب أدى إلى هذه الفوضى التي نعيشها اليوم.
في فنون الإدارة تعلمت في أول الدروس أن الإدارة المركزية تدخل الإدارة العليا والوسطى والدنيا في مشاكل لا تحصى، لاسيما وإن كانت الشركة أو المؤسسة القائمة على هذا النظام تستحوذ على نظام إداري عريض وبنشاطات أكبر، وهذا حال البلد.
لم يعاني الأجداد في الماضي مما نعانيه اليوم من تداخل وزحف إلى الاستيلاء على السلطات من وجهة نظري لكون الأمور ناصعة البياض، كانت الفكرة أولا أن يشارك الشعب في إدارة البلد، وهي التي أنتجت عنه وثيقة 1921، ثم تأسيس المجالس المتفرغة والنظام القضائي ومجلس المعارف المتخصص للتعليم، ويأتي هذا أخيراً ليكون عبر الانتخاب، ثم جاء المجلس البلدي الذي وضع المسودة الأولى للدستور الذي نعرفه اليوم.

اليوم مجلس الوزراء حسب النصوص الدستورية هو المهمين على مصالح البلد العليا، وهو الجهاز المترهل الذي يعاني من فساد ينخر في عظامه حتى أصابته الهشاشة، وأصيب بمرض لا يعرف له علاج، وإن عرف فإن البعض يسعى إلى إخفائه.
أما مجلس الأمة وهو المسؤول عن الرقابة والتشريع استحوذ على صلاحيات البلد كاملة ووضعها في جيبه، وبحكم المهام الجسام التي يواجهها بشكل يومي، أصبح النائب في المجلس الممثل للأمة غير قادر على أداء واجباته، وهنا لأسباب منطقية أولها أن طريقة الناخبين(نحن الشعب) لا تتم بطريقة اختيار الأكفأ، وإنما نلجأ إلى الإطار العشائري الذي نتمي إليه رغم إننا في العام 2012، الناخب يلجأ إلى العائلة والقبيلة والطائفة ليمثله في مجلس همومه وواجباته القيام بالبلد والنهوض بها.
أرى أن المطلوب اليوم أولا أن تسعى السلطتان أن ترجع الصلاحيات إلى الشعب، وذلك استنادا إلى المادة السادسة من الدستور التي تنص على نظام الحكم في الكويت ديمقراطي, السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا, وتكون ممارسة السيادة علي الوجه المبين بالدستور.
وأعني أنه حان الأوان كما قال استاذ القانون الدستوري المرحوم د. عثمان خليل عثمان أن يصل رجل الشارع العادي ذاته يشارك في الأمور العامة، وأعني المشاركة الفعلية في العملية الديموقراطية.
ما الذي يمنعنا من المطالبة بإنشاء مجالس مستقلة للتعليم والصحة والأمن، وما يمنع أن يتم إنشاء منصب المفتش العام يتم التصويت عليه، وبما أن النائب العام مسؤول وممثل عنا والمجتمع، فإنه من المنطقي أن يتم فتح المجال للتصويت وتمكيننا من الحصول على تلك المناصب لإدارة مجتمعنا؟


ربما الفكرة مثالية جداً وغير قابلة للتطبيق على الكويت اليوم؟ وإنما فكرة قديمة أردت نشرها في المدونة

Saturday, August 18, 2012

نقش أبواب البيوت




أدرجت رحلتي إلى مملكة البحرين في مارسضمن أكثر الرحلات استقريت بها نفسيا، من جراء السفر المتكرر صرت أعرف إن كانتالديار ستروق لي منذ الدقائق الأولى التي أهبط فيها، ربما هي الحاسة السادسة التياقتنيتها جراء العمر، لم تكن هي الزيارة الأولى لي هنا، ولكنها الأولى التي وجدتمتسعا من الوقت للتجول في أرجاء المنامة.
نزلت مدينة الزلاق، وهي المدينة التيتبعد عن العاصمة نحو 40 كيلو مترا، حتى أصبح النزول إلى المنامة أمراً صعبا، مايميز المكان هو قربه اللصيق إلى مقر إقامة ملك البحرين في قصر الصخير، سنحت ليالفرصة لإلقاء التحية إلى عاهل البحريني ونجله في إحدى المناسبات التي قدمت منأجلها، ومن ثم غادرت لاستكمال ما أتيت لإنجازه.
منذ ركوبي سيارة الأجرة واتصالاتي ببعضالأصدقاء وجدت نفسها الأجواء التي لمسناها بعد أن من الله علينا بنعمة التحرير منبراثن النظام العراقي الغاشم، الجميع متحفظ حتى إنني لم استطع أن أفتح باب الحواردون أن يوجه إلي مفتاحه وهو إن كنت أنتمي إلى الطائفة السنية أم الشيعية، وبعدهايتم اتخاذ أي المسلكين للحديث.
أمر محزن كيف للطائفية أن تقتل وتفرقبين الأخوة، وكلما تعمقت في الحديث عن المناخ البحريني الساخن أزداد حزنا، وبدأتأعد الأيام التي ربما تنتقل هذه العدوى لتصبح أكثر عدوانية في الكويت، وستنتقلإلينا لا محالة إن استمرينا في هذا النهج والمنوال.
;">

وبعيداً عن أجواء النكد، قررت زيارةالأحياء التراثية، و وثقت عبر زيارتي المتكررة خلال فترة إقامتي التي امتدتلأسبوعين مع الأبواب، وأدركت حينها مدى تقاربنا نحن البشر معها، ببساطة إن لكل بابمثلنا وراءه قصة غائرة فيها، زخرفتها الرقيقة تحكي حكايتها، وزينتها وصيغتها منالذهب والفضة.
أصبحت أتغنى خلال زياراتي بأغنية خالدالشيخ، ومن يعرفني يدرك مدى حبي له، وهذه المرة كانت أغنية "لكل قصة حب".

لكل قصة حب وعيونك في بالي طيف وارمال وسراب ناظري ضي الحوانيت القديمه
ونقش أبواب البيوت كلها شعر .. ومواعيد قديمه واعلى أصوات السكوت والغريب
.. إن ما للعمر قيمه لو نسيت اني احب .. او نسيتي اني حبيبك..

بدر بن عبدالمحسن

 
مارس - 2012

Tuesday, August 14, 2012

معضلة مجلس الأمة 2009 وحكم الدستورية

لفت نظري كثيراً ما يثار أخيراً على الساحة السياسية بشأن إحالة مجلس الوزراء قانون الانتخاب في الشق بالدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية، وحدد القانون أمر الإحالة إما لمجلس الوزراء منفردا أو بقرار صادر من مجلس الأمة بعد التصويت عليه، ويشمل في التصويت أعضاء المجلس من الحكومة والنواب.
وهنا علينا أن نعي ضرورة احترام الإجراءات القانونية والدستورية وإن اختلفنا في الرأي، توقيت الحكومة في الإحالة والغرض من إطالة عمر مجلس الأمة 2009 العائد في المحكمة الدستورية أمر سهل تفسيره، ولكن قرارات السلطة حتى الآن دستورية ولا يحق لنا – أنا على الأقل- الاعتراض عليه مع التشديد على أن لا نشكك في أحكام القضاء، وإن كنا بحاجة ماسة إلى قانون يجيز مخاصمة القضاء في أسرع وقت ممكن مع استقلاليته ماليا وإداريا ليتم فصل السلطة القضائية كليا، حتى تطمئن نفوسنا.
أما في ما يتعلق في الجزء الأكثر جدلا ونقاشا حاليا ينصب نحو حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة 2012 بسبب أخطاء إجرائية صحيحة، وتعليقي الشخصي على هذا الحكم هو أنه جاء لمصلحة المواطنين، لاسيما أنه نظر مراسيم أميرية قاضية بحل مجلس الأمة وبطلان الدعوة للانتخابات في آن واحد، المسألة ليست الأولى في بطلان مراسيم أميرية، ولكنها الأولى في هذا النوع.
المقارنة ببطلان مجلس 2012 ومقارنته مع ما جاء في عدم نظر المحكمة الدستورية في حل مجلس 1985 غير منصف على الإطلاق ولأسباب منطقية أشرحها في التالي، أن صحيفة الطعن في 1985 نصت مباشرة على الطعن في مرسوم الحل، أما في مجلس 2012 تم الطعن على مرسومي الحل والدعوة إلى الانتخابات، وهنا يأتي الفرق، ولو أتى الطعن بالحل فقط لرفضت المحكمة النظر فيها مجدداً.
أتفهم امتعاض الكثير من توجه الحكومة للطعن لكون قانون الانتخاب معرض للطعن لعدم عدالته، وهنا تقع الحكومة بحرج شديد، فإن صدر حكم "الدستورية" بعدم دستورية الدوائر الخمس، فإن الدوائر الـ25 معرضة للطعن ذاته لكونه غير عادل ويعاني من المثالب ذاتها، ما الحل؟
لا أؤيد شخصيا تغيير الدوائر الانتخابية، ولكني أرى الحل الوسط هو العودة إلى الأصل، بحيث تعود الدوائر كما كانت في المجلس التأسيسي عبر العشر دوائر،قيتم من خلالهما تعديل قانون الانتخاب، بشرط أن تعتكف الحكومة من اليوم لإعداد القانون بشكل جدي وعادل، وبإمكانها إن أرادت تزودا أن تحل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة بعدها إن أرادت، أو استمرار المجلس ذاته.
أنا لست من مؤيدي رئيس مجلس الوزراء الحالي سمو الشيخ جابر المبارك ولا سلفه، وكنت أول من انتقدته منذ توليه رئاسة الوزراء وبإمكانكم العودة لموضوع العهد الجديد الذي نشرته في السابع من ديسمبر 2011 بعد يوم واحد من حل مجلس الأمة 2009.

ما المقصود بالطعن في مرسوم الدعوة للانتخابات؟ إن المحكمة الدستورية ببساطة ترى أن الطعن في نتائج انتخابات مجلس الأمة 2012 هي نتيجة للدعوة للانتخابات، وإن كانت الإجراءت التي تمت إلي الدعوة خاطئة، فهذا يعني بطلان الانتخابات بأكملها، وهنا موقع الخلل، فإن بطلان الدعوة الانتخابات أبطل بطريقة غير مباشرة مرسوم الحل، لأن المرسومين صادرين من حكومة غير دستورية وغير مكتملة الأركان، بحيث تم إصدار المرسومين من قبل رئيس مجلس الوزراء المكلف والذي لم يشكل حكومته بطريقة دستورية، وإنما أدى اليمين الدستورية بشكل منفرد.
وكان من حسن الحظ أن رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد تقدم باستقالته بشكل منفردا، ما أدى إلى استقالة مجلس الوزراء بأكمله جراء هذه الاستقالة والاستمرار في تصريف العاجل من الأمور، ولو كان المحمد تقدم بمرسوم حل مجلس الأمة وفق المادة 107 من الدستور فإن المحكمة الدستورية مضطرة إلى إرجاعه مجددا كرئيس لمجلس الوزراء، وهذه مسألة تم تداولها على نطاق ضيق بين عدد من القضاء ومن أساتذة القانون الدستوري.
المسألة الأخيرة التي أود الخوض فيها، هو أن الحكم ذاته السالف الذكر ورد صراحة باسترجاع مجلس الأمة 2009 سلطتة التشريعية، كيف يسترد مجلس الأمة سلطته التشريعية، والمقصود بذلك استئناف مجلس الأمة انعقاده ويأتي ذلك من خلال الدعوة لجلسة عادية علنية للنظر في جدول الأعمال وهذا واضح وجلي.
من وجهة نظري الشخصية، أن قسم الحكومة أمام المجلس واجبه للتقدم بمرسوم حله، وذلك يأتي صراحة في المادتين 80 و91، وهنا أود التوضيح أن الوزراء ملزمون بالقسم أمام سمو أمير البلاد لتفعيل عضويتهم التنفيذية في إدارة الوزارة وعضويتهم في مجلس الوزراء، أما المادة 91 فهي لتفعيل عضويتهم في مجلس الأمة، وفي حالة عدم تفعيلها يأتي السؤال كيف لحكومة لم تفعل عضويتها في مجلس الأمة أن تقدم مرسوم لحله؟ وهذا ما يعرض كل ما تفعله للطعن مجددا أمام المحكمة الدستورية، وهي حجج مقنعة جداً من وجهة نظري.

إن اجتماعات مكتب المجلس وغيرها من الأمور الإدارية فهي أمور إجرائية  تنص عليها اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولا يعني ذلك استرداد سلطتة التشريعية، والاسترداد يكون عبر انعقاد المجلس، ويكون خيار إقرار القوانين أو فض مجلس الأمة بعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمامه.
إن عودة رئيس مجلس الأمة هي تنفيذا لحكم المحكمة لكونه رئيسا منتخبا، وهذا يأتي تنفيذا جزئيا للحكم ولا يعني ذلك بالضرورة استرجاع المجلس شرعيته.