Monday, April 1, 2013

Note to self.




لم أنوي القدوم إلى أريزونا، كان كل شيء بمحض الصدفة، أجريت اتصالاً هاتفيا إلى أحد الأصدقاء للمساعدة في موضوع متعلق في العمل، ونصحني بالقدوم إلى هنا، بناء على الاتصال أجريت ترتيبات السفر بسرعة مذهلة، عشرون دقيقة من البحث في مواقع الانترنت سعيا لإيجاد فندق لإيوائي لبضعة أيام.

إجازتي الشخصية تبدأ بعد الأربعة أيام التي سأقضيها في أريزونا، ثم سأغادرها إلى هيوستن تكساس، ولكن الخطة لم تفلح، عقلي لم يكن في محله عندما وافقت على القدوم هنا، الرحلة من لوس أنجلوس كانت متعبة ومثقلة للغاية، اضطررت إلى أخذ حبوب منومة لأهنئ بقليل من النوم، علّه يساعدني على تصفية ذهني.

استيقظت من النوم على رنين الهاتف ورجفته، أنه خالي محمد دعاني إلى تناول وجبة الغداء بعد انتهائه من دوامه وعودة زوجته من العمل، أمي كانت قد أبلغته أمس عن قدومي هنا، وبعد إغلاقي لسماعة الهاتف، بدأ عقلي فعليا في التفكير.

حزت كثيراً، بكيت لدقائق معدودة، كيف يمكنك أن تغفري لي، أن أكون قد نسيت إنك قضيتي أيام طفولتك ومراهقتك  التي لم تنعمي بها هنا؟، في مدينة شديدة القرب من حيث أسكن، في حي الجامعة المعروف، وهو المكان الذي كنت تنوين الذهاب إليه، ولكن سبقك الدهر.

سبق أن كتبت عنك في مدونتي، والدك كالعادة حاول تغيير الموضوع مجدداً، ضمني بقوة عندما وصلت إلى شرفة منزله، يقول لي إنني بدوت أشبه أمي، لم أعد الطفل الذي اعتاد أن يحمله على كتفيه للذهاب إلى محلات نحن والأطفال برفقة أبنائه.

طوال فترة جلوسي على طاولة الطعام، كان السؤال يلح عليّ باستمرار أن أسأل عن مكان مرقدك الأخير، ولا أعرف سبب دفنك هنا، بعيداً عن الجميع، وأسئلة أخرى أعلم إني لن أحصل على إجاباتها، ولأنني دائما من يوجه الأسئلة إلى الناس، وجدت نفسي بلا قوة لتوجيه أي منها اليوم.

تناولنا كأسين من الشاي في شرفة المنزل الجميلة، وبعض الحلويات والسكريات، أبلغته إني أقلعت عن تناولها منذ أشهر الآن، إلا أن خالي دائماً ما يصيب نقاط ضعفي الدائمة، ووعدت نفسي بعدها بأن أبذل مجهوداً إضافيا في النادي الصحي في الفندق فور عودتي أو غداً في أقصى تقدير.

سألت خالي السؤال الصعب، وذهبت في الصباح التالي إلى مرقدك الأخير، الشاهد واضح باسمك، لم أحمل معي وروداً مثلما يفعل الممثلون في الأفلام السينمائية، ولم أحمل معي رسالة أعبر فيها عما أشعر به، كل ما فعلته إني وقفت أمامك لدقائق.(...) ومن ثم كتبت بذور مذكرتي هذه.

بدأت في تنقيب ذاكرتي، احتفظ صور قديمة لعائلتي ووالدي في هاتفي المحمول، ومن ضمنها صورة جمعتنا معنا أثناء وجودنا في الشاليه مع أختك الكبرى، وأسئلة وتساؤلات صارت تؤرقني، هل يحق لنا أن ننسى من أثر في حياتنا بعد مماتهم؟

وفاتك هي الحادثة الأولى وتجربتي الأولى في رحيل الأقارب، ثم فارقتني جدتي لأبي بعدها بعامين، ورحيل عدد من الأصدقاء، استطيع تسميتهم جميعا الآن، عبدالله ويحي ومصطفى وأحمد وبراك وناجي، وعبداللطيف، وطارق وعمر.
آسف..
توسكون، أريزونا
 نوفمبر 2012