Thursday, June 24, 2010

الجامع الوجيز في غرائب أسفار القرمتي - المبحث الثالث الفصل الرابع


المبحث الثالث

عنوان المذكرة: المنهج التجريبي القرمتي، الجزء الأول.


سنحت لي الفرصة الالتقاء مع البروفيسور وارن لارود في مدرسة رينولدز للصحافة، وهو أحد الفائزين بجائزة البولتزر الأمريكية المخصصة للإعلام والصحافة في منتصف السبعينيات، على خلفية تحقيق صحفي أجراه عن "بيوت ممارسات البغاء" في ولاية نيفادا، لم أرد أن أكون مثل الجميع متلهفا لسماع تحقيقه المجنون و الجريء، لذا حرصت أن أجر حواري معه إلى الحياة الريفية البسيطة هنا، و بعض أطراف السياسة الدولية التي أجيد تحليلها.


البروفيسور لارود، أبدى اهتماما جما عندما جرنا الحديث إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، و عن الحرب الكويتية العراقية الباردة أخيرا، وتفاصيل حضوري لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، داهمنا الوقت في المكتبة العامة، ولم يتسن لنا تكملة محاور حديثنا الشيق، لذا دعاني لشرب الجعة ليلا في أحد الحانات المشهورة.


أعجب البروفيسور لارود في في حديثنا، ما جعله يدعوني في المساء إلى ليلة سمر في أحد الحانات المشهورة، لبيت الدعوة الماجنة، ووصلت إلى المكان المنشود في تمام الثامنة مساء ، مرتديا بدلة داكنة السواد، وقميصا أبيضا وربطة عنق حمراء، طلبت صاحبة الحانة عند دخولي هويتي الشخصية، لتتأكد بنفسها من بلوغي السن القانونية لتناول الجعة، تفاجئت عندما أخرجت جوازي الأزرق من جيب معطفي، ولكني بررت حمله لعدم امتلاكي هوية تبرز معلوماتي الشخصية بالإنكليزية.


تسامرت مع البروفيسور الذي تناول عدة كؤوس من الخمرة الرخيصة، وبدأ حوارنا بمناداة "ستيفني" صاحبة الحانة لتأخذ طلبي، إلا إنني خيبت أمل الأثنين بطلبي مشروبا غازيا بدلا من معاقرة الصهباء، ما دفع "ستيفني" إلى السخرية من طلبي قائلة " إنك تعلم أن تختار ما تشاء من أي مشروباتنا الكحولية ؟"، أجبت ردا لخفة " طينتها " بابتسامة عريضة.

لم يمانع البروفيسور لارود من الإفصاح عن الجوانب التي لم يشير إليها في القصة، ولكنه في الوقت نفسه طلب مني أن لا أشير إليها في أية تقارير، ولم يمنعني من تدوين ما وراء تلك القصة في "مذكرتي"، بعدها لفت البروفيسور بنبرته الخشنة إلى أن المكان لا يزال موجودا، ومدني بالعنوان، و رقم المكان إن أردت الذهاب للاستطلاع و التمتع إن أردت، ولكن نبهني قائلا " إياك أن تلتقط صورا فوتوغرافية للمكان من دون إذن صاحبة المنزل".


غادرت المكان بعد أن عبَّرت عن خالص شكري للبروفيسور الذي قضيت معه لأكثر من ساعتين تحدثنا بشتى المواضيع، مع النصائح المستقبلية، منها إنشاء مدونة إلكترونية، بشخصية جمهولة الهوية،و غيرها من الأمور، لم يكن من المفترض أن تميل إلى الجانب الأدبي، ولكنها في النهاية جزء منها.


في طريق عودتي إلى فندق بلازا ريسورت بدأت شياطين نيفادا، وهي الولاية الأكثر سرعة في إتمام عقود الزواج في العالم، والولاية المرخصة الوحيدة لمثل تلك الدور، و عقر دار الشياطين في الأرض تلعب بي، حاولت التملص من تلك الأفكار، إلى أن تلقيت اتصالا من عبدالعزيز بو صِرَّه، الذي راقت له الفكرة، وتطوع بتأمين سيارة أجرة تنقلنا من و إلى تلك المنطقة، في خطوة علمية أسماها بالـ " اتباع خطوات البروفيسور" لهدف علمي بحت.


لم يكن أحدا على علم برحلتنا الليلة إلى المنطقة "المبوءة"، والتي لا تبتعد عن مقر إقامتنا سوى 45 كيلو متر، و وثقت هذه الرحلة في دفاتر المخصصة للرحلات على أنها رحلة لاكتشاف الحياة الغربية الفاجرة، المضحك أننا دخلنا بكاميراتنا و مسجلاتنا و أقلامنا دون أن ينشر لها شيئاً، رغم موافقة الأطراف المعنية، إلا أن تحقيقي و تحقيق بو صِرَّه كان من المفترض أن ينشر في دولتين مختلفتين، إلا أنه تعذر نشره لأسباب خارج عن إرادة الجميع.

التتمة قريــباً.

* الجو الصحراوي لم يمنع من انخفاض درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر حسب المقاييس السيليزية.


Thursday, June 10, 2010

Sunday, June 6, 2010

فقدان الحكمة



لم تكن صحيفة "القبس" مخطئة قبل ثلاثة سنوات و نيف، عندما طلبت في افتتاحيتها من " عقلاء " المجلس – المقصود هم أعضاء المجلس ذو العقول النيرة- إيقاف العبث السياسي التي تعيشه البلاد والحياة البرلمانية.

في جلسة خاصة للمجلس الثلاثاء الماضي، والتي خصصت لمناقشة الاعتداء الصهيوني على "قافلة الحرية" المحملة بالأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية لقطاع غزة المحاصر، أصدر المجلس قرارات عديدة أهمها توصية بانسحاب الكويت من المبادرة العربية للسلام.

الحديث عن المبادرة العربية للسلام تدخلنا في عدة نقاط مهمة، لابد من توضيحها، أولا أن السياسات الخارجية للدولة هي من صميم اختصاصات السلطة التنفيذية، كما يتدخل فيها الرغبات السامية في توجيه وترشيد العلاقات الرسمية بين الكويت وغيرها من الدول الشقيقة و الصديقة، لذا تبقى تلك القرارات سيادية، لا يجوز من التدخل فيها.

ولكن لا ينحسب توجيه المشورة أو النصيحة في هذا الجانب، لأنه مفتوح في أي وقت، أما ثانيا، فإن انسحاب الكويت من المبادرة سيدخلها في تأويلات سياسية خارجية، منها دعم الكويت للعمليات الإرهابية أو انتهاج وتحفيز العنف لحل القضية الفلسطينية، وهي ترويج لسياسة خارجية سوداء خاطئة، ولا يمكن للكويت بالعقل او بالمنطق أن تدخل في هذا النزاع،لأنها لا تمتلك القوة و لرغبة السياسية على الصعيد الدولي، ولم تكن في الفترة الأخيرة في المفاوضات العربية - الإسرائيلية ولا تملتك حتى أو الطاقة العسكرية لهجوم، فهي لا زالت في نطاق الدول النامية المتخلفة.

في الجلسة ذاتها أعلن رئيس المجلس جاسم الخرافي أن اللجنة التشريعية و القانونية البرلمانية ستقدم في جلسة الثلاثاء المقبلة (بعد غد) قانون يجرم فيه الاتصال بإسرائيل، ويتبادر إلى الذهن كيف بإمكاننا الاتصال بالكيان الصهيوني، ونحن لدينا قانون يمنع التطبيع مع إسرائيل، كما أننا في بقعة جغرافية بعيدة كل البعد عن الكيان، فكيف سنتصل بهم؟، فضلا عن أننا في الكويت لم تنحتضن يوما أي سفارات للكيان أو مكاتب تجارية تابعة لها، فكيف سيتم الاتصال أو التعامل معهم؟

الحديث عن القانون سيسجل للكويت مواقف و سمعة سيئة على الصعيد الدولي، فإن التجريم بالاتصال أولا أو غيرها من التجريم، سيتخذ من باب نشر مفاهيم و مبادئ الكراهية بشكل علني على السامية، ولا أحتاج بأن أذكر أن المجتمع الدولي على سبيل المثال يتفق بصدق وقوع " الهولوكوست "، وفي فرنسا يغرم كل من لا يؤمن أو يصرح بعدم وقوعها، السؤال ما سيحكم علينا كدولة؟


ما أحب أن أشيد به هو النائب " العقلاني " - في الجلسة الثلاثاء فقط- خلف دميثير، والذي عارض، وأوضح عدة نقاط، منها عدم أحقية مجلس الأمة التدخل في مثل هذه القرارات، وهنا أحب أن أشجع الجميع في الرجوع إلى مضبطة تلك الجلسة، و الاتحتفاظ بها، لأنها ستوضح بشكل كبير مستوى عقلية النواب وحصافتهم الساسية.

الانتقاد يوجه لأعضاء اللجنة الخارجية البرلمانية ورئيسها النائب مرزوق الغانم، الذي كان عليه أن يقف معارضا لقرار المجلس الخاطئ، ولو كان النائب السابق محمد الصقر موجودا، لم نكن لنرى لجنة شؤون الخارجية بهذه الفوضى، أو في عدم الانضباطية، والتخبط بدأ منذ تقديم تقرير الحالة بين الكويت والعراق، و لولا وقوف النائب أحمد السعدون لإياضح أحقية المجلس، وعدم دستورية البحث أو حتى تسليم تقرير اللجنة، و قرارات مجلس الأمن لكان خطأ فادحا، وتقع مسألة الإنسحاب من المبادرة يقع في نفس الخانة.

إن عملية الانسحاب من المبادرة ترتبط بعدة أمور، أولا أن الانسحاب سيؤثر في علاقة الكويت في الدول، منها علاقتنا المتوترة مع المملكة العربية السعودية لعدة أسباب ليست محور الحديث، وعلاقتنا أيضا مع السلطة الفلسطينية القائمة برئاسة أبو مازن محمود عباس، وسؤال المليون هو: كيف تنسحب من مبادرة جمعت العرب في ٢٠٠٢، والكويت التي قادت المصالحة العربية، وأكدت في قمتها أهمية اللجوء إلى السلام و حل للسلطة الفلسطينية سياسيا؟


الخطأ لا يتحمله المجلس لوحده، وإنما الحكومة التي بينت عن سذاجه وزيري الدولة لشؤون مجلس الوزراء الذي تلا البيان الحكومي، و وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة الذي لم يصرح بأي شي، وتخاذل في الموافقة على التوصيات جميعها! كان من الأجدر عدم الموافقة في الجلسة و إيضاح الأسباب، ورغم من مديح حركة حماس، و قادة حزب الله في لبنان، لكنه لم يرافقه أي تصريح رسمي من الحكومة الكويتية، وهنا يا سادة يبين لنا أنها وقعت في خطأ.


ملاحظة أخيرة:

الشعب الكويتي لم يكن يوما مهتما في القضايا المتعلقة في الشأن الفلسطيني، و يحمل البعض الكثير من الكراهية إليه بسبب تواطئه مع النظام العراقي البائد، و بما إني أعد نفسي من القوميين العرب في بعض الأحيان، و اهتمامي بالقضايا الدولية أكثر من المحلية، فإن المهتمين من الكويتيين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، و الدليل على ذلك فإن الاهتمام بالشأن الفلسطيني توليه السلطة و لجنة مشتركة بين جمعية الخريجيين و الثقافية النسائية، وهي اللجنة التي تلتفت إلى قضايا المتعلقة بالتعليم و الجوانب الإنسانية، ولا تهتم بالشأن السياسي، لذا أود أن أعبر عن استيائي من النفاق الاجتماعي الكويتي خلال الفترة الماضية.