سألتني .. هل تؤمن بالحظ أو الصدف؟، لم أكن بعد مستعد نفسيا لهذه النوعية من الأسئلة المباغته، ولكني لم أتلفظ سوى بالكلمات التي أقتنعت بها، بأني لا أؤمن بالحظ، بينما أؤمن بالصدف، ربما تبرير هذا التناقض بحاجة إلى ساعات عدة لتوضيحها، لم أتردد باستدراك حديثي أن الحظ لم يكن يوما في صفي، بل على النقيض، فهو ندي الأبدي.
قيل لي بأن حظي سيكون تعيساً دائما، وفقاً لتاريخ ميلادي، لذا لن يغير ذلك شيئا،وهذا الشيء ما أكدته العرافة التي قابلتها قبل أسابيع في نيفادا.
فتحت حقيبتها الصغيرة التي حملتها معها، وأخرجت منها عملة ورقية، أجبتها ممازحا "نحن لا نقبل التبرعات النقدية"، ابتسمت، وأصرت أن تسلمني ورقة نقدية أخرجتها من محفظتها، انصدمت عندما تبين لي بأن العملة التي أهدتني هي دولارين في ورقة نقدية واحدة أمريكية؟، سألتها هل سرقتيها من لعبة "مونوبولي" لأختك الصغيرة نينا؟
لم تتمالك كرستين نفسها من الضحك، وأوضحت أنهاعملة نقدية نادرة، لم يكتب لها النجاح في عملية التدوير، ولكنها لا زالت قابلة للصرف، لافتة إلى أنها تجلب السعادة و الحظ الوفير لمن يحملها، وعندما رفضت قبولها، أصرت على الاحفتاظ بها لأنها ترى بأني بحاجة إليها أكثر منها، وفضلت أن تهديني أعز ما تملك قبل رحيلي من مدينة شيكاغو.
وعدتها أني سأحتفظ بالورقة ما حيت، لعل في أحد الأيام سأتمكن من توريثها إلى ذريتي، إن كتب الله عز وجل ذلك.
اقترحت أن نذهب إلى مطعم القدس القديمة، وهو مطعم لفلسطنيين هاجروا من القدس الشرقية إلى الولايات المتحدة قبل نحو ٥٠ عاما، إلا أني أصريت على الذهاب إلى مطعم الإيطالي، والذي يبتعد نحو شارعين من المقهى الذي جلسنا فيه، قررنا الذهاب إلى دار السينما لمشاهدة فيلم "اختراع الكذب"، والذي يحكي عن أول رجل اخترع الكذب في العالم، كل ما تبادر إلى ذهني كيف أن أكون الشاهد أول أكذوبة في تاريخ البشرية
أحداث الفيلم تشير إلى أن البشر كانوا يعيشون يوميا على بوح الحقيقة القاسية، من دون أي تخفيف لها، وبإمكان المشاهد أن يرى التأثير السلبي لهذه الكلمات على شخصيات الفيلم المتعددة، حتى أن أحد شخصيات الفيلم بدأ يفكر بالإقدام على الانتحار لأيام عدة، إلى أن تدخل بطل الفيلم ليخفف عنه آلامه.
بعد الفيلم بدأت بالتدبر بأحداث الفيلم و بقساوة الحياة إن كانت تعتمد كليا على بوح الحقيقة، وأن البشر سيصرحون بكل ما سيجول في خاطرهم، لك أن تتصور مقدار الأذى النفسي الذي قد يسببه الأشخاص لبعض، وهذا لا يدفعنا على الكذب والافتراء دائما،ولكن هناك أكثر من طريقة لقول الحقيقة، منها أن تختار المفردات بعناية، لتصل المعلومة بطريقة خفيفة بأذى أقل.
توصلت الليلة إلى أن الحياة بالحقيقة فقط هي حياة باردة قاسية، خالية من الأحساسيس أو المشاعر، يحتوي الفيلم على عمق فلسفي رهيب، ما دفعني إلى التفكير الليلة في نفسي، لست من الذين يؤمنون بالمناطق الرمادية، أرى الحياة أحد اللونين إما أبيض أو أسود، لا مجال للون الرمادي أو وجود بقعة مشتركة، كل ما أعرفه بأن هناك الخطأ و الصواب، و أن الإنسان ينبغي في النهاية أن يميل لما هو في جادة الصواب، ولكن تختلف القرارات بحسب النسبة، تباً للنسبيين!
الليلة هي الأخيرة لي هنا، وسأغادر غدا الولاية متوجها إلى العاصمة واشنطن، لذا فضلت أن أطيل بعض الشيء في المدينة، لأستمتع بناطحات السحاب العملاقة، إلى أن أوصلت كريستين إلى مقر سكنها، أوعدتني قبل أن أذهب بأن احتفظ بعملة الورقية، وتمنت لي حياة سعيدة.. كانت عبارتها الأخيرة لي "كم هي محظوظة"،وعندما سألتها عنها لم تجبني، بدأت أصدق بما صرحت به العرافة.
-- أكتوبر ٢٠٠٩
العملة النقدية.
للمزيد من المعلومات عن العملة النقدية هنا
اتشارك معك بعدم ايماني بالحظ واتخالف معك بالصدف فانا اعتقد بالقدر وانه شيء مكتوب ولا مجال للفرار من شيء
ReplyDeleteاما للفيلم اعتقد انه الكذب ببعض الحالات جائز انسانيا للنجاة من امور قد تضعنا في ورطه لا مجال للنحشه منها او اثم قد نرتكبه ان قلنا الحقيقه
أنت محظوظ
ReplyDeleteلكنك تملك همة عالية لا ترضى بالدون
{دائما،ولكن هناك أكثر من طريقة لقول الحقيقة، منها أن تختار المفردات بعناية، لتصل المعلومة بطريقة خفيفة بأذى أقل.
ReplyDelete}
أعجبتني هذه العبارة.. ولعلي أضيف الصمت كطريقة لتوصيل المعلومة.. يفهم منها المستمع ما يشاء..
عزيزي الجبريتي
ReplyDeleteتبقى المسألة تقع ضمن وجهات النظر في مسألة الصدف أو الحظوظ، تبقى المسألة بحاجة إلى شرح و تفسير طويلين لا أجده في هذه المساحة الضيقة
:-)
أما بشأن الكذب، أعتقد أن الله سبحانه و تعالى أوهبنا لغة لا يضاهيها لغة أخرى في كثرة و عمق المفردات التي بها، ليس ضروريا أن تكذب لتخفف عن غيرك أو أن تجامل، بل لديك مفردات واسعة يمكنك أن تلتقط الأسهل و الأقرب و الأخف إلى النفس للتعبير عما تراه، وليس بالمفردات الحادة القاسية، إنها طريقة نظرك و توظيفك اللغوي للكلمات، لذا أظل على موقفي بعدم حبي للكذب،ولكن هذا لا يمنعني من اختيار مفرداتي بعناية
عزيزي مجهول الهوية،
لست من المحظوظين في هذه الحياة، ولكن هذا لا يعني فشلي في الحياة
إن للحظ معاني و منحنيات أخرى.
العزيزة مي
مداخلاتك رائعة كالعادة عبارتك السابقة هي ما كنت أحاول توصيله إلى العزيز جبريت
أما في جانب الاستماع فإني أجد نفسي مستمعا جيدا، ولكن لا بد من أن تدفعي الأشخاص إلى التصرف أو التحرك لتنفيذ المراد في بعض الأحيان، الضغط يولد العجائب.
:-)
صباح الحظوظ والصدف الجميلة
ReplyDelete:)
غريبة الاسئله المباغته،تنفضنا فجأة ،وتأتي باجابات غريبه قد تكون هي اصدق ما يعبر عنا
!!
كنت قد آمنت بالصدفة،وصدقت بأني ذات حظ سئ متشرقد على الارض لا يقو الوقوف والايمان بهذا متعب جدا
ولأني اريد ان اعيش بشكل صحيح
قررت في وقت لاحق ان امحي هذا الاعتقاد واعاود برمجه فهمي للحياه بشكل آخر:
بأن أعتقد بقراره روحي بأن الله حكيم،يرزقني الخير ويمنع عني الخير لذا فانا ذات حظ طيب دائما ودوما
،وان الصدف ليست الا تدبير منه سبحانه لأموري وحياتي،لا شئ فيها صدفة ،في كل شئ يحصل هناك رساله تصل لي،او حكمة يريد الرحمن ان يعلمني اياها،المهم ان اعرف كيف اتأمل وافكر واربط بين حدوث كل هذه الاشياء
تصدق؟
عندما اعدت هذه البرمجه في داخلي
اختلفت نظري لأمور كثيرة في الحياة
.
.
.
تقول:
توصلت الليلة إلى أن الحياة بالحقيقة فقط هي حياة باردة قاسية، خالية من الأحساسيس أو المشاعر،
واقول:
احيان بعض الحقائق لم تكن سوى كذبات صغيرة،كبرت وكبرت حتى آمنا بها واعتقدناها وحولنا الا حقيقه
نحن احيان نحتاج قول الحقيقة ولكن بانتقائيه لفظ وعباره ،نستطيع من خلال تلك الانتقائيه ان نخاطب انفسنا ونخاطب الناس حولنا،فنصل للحقيقة بأقل خسائر ممكنه
اعذرنا على الاطالة
فالحديث هنا اعمق من مجرد تعليق بسيط يكتب وينسى
:))
اتمنى لك حياه سعيده
مليئه بالحظ الجميل والصدف الحلوة
أنا أؤمن بالقوى العليا المسيطرة و المسيّرة لكل نواحي الحياة ، و هو قدر الله .. و كل شيء لا يحدث للعبث .. و الصدفة كما أرى ، حكمة مدبّرة
ReplyDeleteيعني ، لا أؤمن أبداً بـ شيء يسمى حظ \ صدفة
و أتفق تماماً مع إستكانة ، من ناحية تغيير النظرة للحياة ، أحس بكلامها لأني دشيت بـ مثل هالتجربة في محاولة فهم الأشياء من حولي .. و أخيراً استطعت
~~
يبيله كتاب يضم مذكراتك !
أحس فيها فلسفة ما
:)
مرحبا قرمت
ReplyDeleteكتاباتك جميلة وما تزودنا به من معلومات أجمل, وعدم الايمان بوجود منطقة رمادية هو أمر مرهق جدا لنا في هذا البلد وهذا الزمن.
والحظ هي كلمة لا أؤمن بها -وان رغبت بذلك أحيانا- بل أقنع النفس وأبرمجها بأنه" تيسيير أمر" من الخالق, ان لم يحصل في أمر,,, حدث في آخر.
مبارك عليك الشهر
مبارك عليك الشهر ،
ReplyDeleteو كل عام و إنت بخير ..
و عسى الله يتقبل صيامك و طاعتك فيه !
:)
العزيزة استكانة،
ReplyDeleteتسعدني تعليقاتك دائما، إعادة البرمجة العقلية لاسيما اللا واعية صعبة جداً،ولكن هذا ليس ما أعنيه في ما كتبته في مذكراتي، ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وهذا حال الدنيا، يقول الله عز وجل وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيراُ لكم،وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، الله يعلم وأنتم لا تعلمون
جميع هذه الأمور أدركها تمام الإدراك، ولكن في الوقت ذاته الاعتراف بالحق فضيلة
مبارك عليج الشهر
:-)
Rawan,
مبارك عليج الشهر :-)
مشروع الكتاب مقترح طموح جداً يفوق قدراتي و طاقتي، ولكني أجد في التدوين ما هو أفضل بلا ضغوط نفسية تمارس علي
أما مسألة البرمجة النفسية ستجدين إجابتي للعزيزة استكانة واضحة جداً
May,
كلامك عين العقل، وهذا ما أسير عليه، لا أخفي عليك مدى معاناتي في الحياة اليومية جراء عدم إيماني بالمناطق الرمادية، لدرجة الاصطدام بشكل مستمر مع البعض في الجوانب التي لا أرضى التنازل عن الحقيقة أو الانحراف ولو بطريق بسيط عن جادة الصواب من وجهة نظري
:-)
مبارك عليكم الشهر وعسى الله يتقبل منكم صالح الأعمال
بما أن حظك هو ندك الأزلي عل حد قولك فاسمح لي أن أهديك هذا البيت
ReplyDeleteإن حظي كدقيق فوق شوك نثروه...ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
مع تمنياتي لك بحظ أوفر