يظن
البعض أن برحيل رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد أن الفساد الذي
اعترى أجهزة الدولة في مختلف أجهزة الدولة قد
تلاشى للأبد، وأن رئيس مجلس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك هو المنتظر
وأن ما تعانيه الدولة منذ قرابة الثلاثين سنة من فساد الإداري والمالي في الدولة
سيزيلها في ثوان معدودة.
الملاحظة
الأولى التي يجب أن يستوعبها الشباب أن المعركة للتو قد بدأت مع قيادة حكومة جديدة
برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء السابق، وهذا شيء مهم، أنه كان ضليعا
وعليما بكل الإجراءات التي تمت، ومع قراءة السيرة الذاتية يأتي ما ذكره الزميل
المدون عاجل في مدونته في الكويتي الفصيح هنا.
وأستعير
هذه الصورة من البوست، ومن هذا المنطلق ينبغي على الجميع أن يعرف أين يقف،
المعركة ضد الفساد في الدولة، وتقلص العدالة الاجتماعية في الآونة الأخيرة –من وجهة
نظري- يجب أن يقابلها مواقف وضعط مستمر، أن لا تقف جماعات الضغط التي شكلتها مواقع
التواصل الاجتماعي، والتفاعل بكل قضية مهمة في المستقبل، وأن تستمر في عملها دون
انقطاع.
إن
المرحلة المقبلة تحتاج منا أن نفتح صحفة بيضاء رغم أن الأفكار الأولية لرئيس مجلس
الوزراء الجديدة قد تأثرت بشكل جدي على البعض أو ربما القلة منا، ولكن علينا أن
نمنح الأشخاص فرصة كافية لتكوين رأي متكامل عن الأسلوب الذي سينتهجه في حكومته
الثانية – الأولى قدمت استقالتها وعدم التعاون وهي نفسها حكومة التصريف العاجل من
الأمور- في الأشهر المقبلة.
وإن
النهج الجديد الذي ينبغي أن يقوم على رئيس مجلس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك
انتهاجه هو أن يتم إعادة ترميم الوزارات والهيئات الحكومية، مع وضع دراسة جديدة
لمستوى المرتبات، ووضع مسطرة واضحة للتفريق بين الوظائف العامة، إضافة إلى إعادة
ترتيب القطاع الخاص وطرق مساهمته مع القطاع الحكومي، بحيث يتم تطويع
"الخاص" بتقديم الخدمات الاجتماعية إلى المجتمع مقابل المناقصات التي
يتم إرسائها.
وتواجه
الحكومة مجموعة من القوانين المهمة التي ينبغي عليها أن تبادر في معالجة قضية
الإيداعات والتحويلات المليونية، بالطرق المتاح أمامها، منها تكليف بنك الكويت
المركزي بإعادة تقييم مستوى الرقابي على البنوك التقليدية والإسلامية، إضافة إلى
دراسة قانون غسل الأموال، وتحديد المعضلات التي تواجهها في تنفيذ القانون
والاقتراحات المطلوبة لتسهيل مهامها، ليكون مشروع بقانون تتقدم به الحكومة إلى
المجلس، ومن ثم مناقشته في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية وإقراره في المجلس.
والسير
على هذا الطريق يثبت أن الحكومة الجديدة بدأت بالخطوات العملية لإزالة الألغام
التي تحول دون تعاون نواب المعارضة والشارع في آن واحد، إضافة إلى تقديم الحكومة
مجموعة من التعديلات خلال فترة الانتخابات والتشكيل الحكومي على قوانين عدة مثل استقلالية
القضاء، إعادة تشكيل المحكمة الدستورية، وتعديل قانون الجزاء بشأن الحبس الاحتياطي
بحيث يتم تقليصه إلى 11 يوما كحد أقصى، وتطبيق النظام الآلي للقيود الانتخابية بحيث
ترسل الهيئة العامة للبطاقة المدنية كل من يبلغ السن القانونية للانتخاب إلى القيد
الانتخابي مباشرة، وإنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات لا تتبع الجهات الحكومية،و
إنشاء الجهاز المركزي للكسب غير المشروع(مكافحة الفساد)، و تعديل قانون ديوان
المحاسبة لإعطائه صلاحيات أكثر، وإنشاء هيئة إدارية رقابية مستقلة إلى جانب ديوان
المحاسبة للكشف عن التجاوزات.
ومن وجهة نظري أن تكون التشكيلة الحكومية المقبلة مكونة
من أغلبية الأعضاء المنتخبين، وذلك تطبيقا صحيحا للمادة 56 من الدستور، والتي والتي
تنص على أنه يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء, بعد المشاورات التقليدية،ويعفيه من
منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس
الوزراء، ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن
غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة .
والمقصود أنه في الأصل يجب أن يشكل مجلس الوزراء من
الأغلبية النيابية حسب النظام البرلماني، ولكن نظرا للتعديلات التي جرت في لجنة
صياغة الدستور في المجلس التأسيسي، فإن اللجنة توصلت إلى حل وسط، وفي الأصل في
صياغة المادة، أن يكون رئيس مجلس الوزراء الحكومة بالأغلبية النيابية المنتخبة في
المجلس، وهذا ما جرى تطبيقه في أول مجلس أمة وفي العام 1992، والأثنين أستكملوا
مدتهم الدستورية بالفصل التشريعي لأربعة سنوات.
ولكن الحكومات المتعاقبة استخدمت الشق الأخير من المادة
بحيث جرى الاكتفاء بالمحلل، لاسيما أن مشاركة الأعضاء المنتخبين سيقلل من أرقام
طرح الثقة أو عدم التعاون لرئيس مجلس الوزراء، بحيث تحافظ الحكومة على 16 صوتا،
ولكن في المقابل تخسر نحو 6 إلى 7 أصوات
في طرح الثقة، وهذا ما لم يشجع رؤساء الوزراء السابقين على هذا الخيار، وإن كان
أسلم، وسيساهم في تهدأت الأوضاع.
في النهاية، علينا جميعنا قراءة الأوضاع بعيون أخرى، وأن
نكون واعين وجاهزين لمواجهة المصاعب التي قد تواجهنا في المستقبل، وأن نثمن مبادرة
سمو أمير البلاد وقراراته الصائبة بقبول استقالة الحكومة السابقة، وتعيين رئيس
مجلس وزراء جديد، وأخيرا بحل مجلس الأمة، وإن شاء الله مرسوم الدعوة لانتخابات
جديدة على الطريق، نتمنى حسن الاختيار بعيداً عن العاطفة، القبلية،العائلة،
الطائفة.
No comments:
Post a Comment