Saturday, October 8, 2011

إعادة تقييم التجربة الديموقراطية


كشف صحيفة القبس للأيداعات المليونية في العشرين من أغسطس الماضي، لا بد أن يتخذ معه بعض الخطوات الحاسمة والضرورية لإعادة تقييم تجربة الحياة الدستورية الكويتية، لاسيما مع اقتراب احتفالنا بالذكرى الـ49 لوضع الدولة المدنية في 11 نوفمبر المقبل.

كيف مارسنا حقوقنا الدستورية طوال هذه السنوات، وهل أثمرت هذه الممارسات عن أي تطور يذكر؟، كم من المواد استطعنا تطبيقها خلال السنوات الماضية، وهل وصلنا إلى مرحلة الرضا باختيارات الشعب، أم أننا لا نزال في مرحلة الوصايا، أو أن المجتمع ليس ناضجا بنظر البعض حتى يقرر مصيره؟

في لقاء سابق مع أمين عام المجلس التأسيسي وسكرتير لجنة الدستور علي الرضوان قبل نحو سنة ذكر لي حكايته رئيس المجلس التأسيسي المرحوم عبداللطيف الثنيان وبعض ممثلي الشعب يعقوب الحميضي و حمود الزيد، أحمد الخطيب وغيرهم الذين تجمعوا صدفة قبل إقرار الدستور ببضعة أيام تقل عن ١٥ يوما.

يشير الرضوان إلى أن الاجتماع كان بمحظ الصدفة، حيث اعتاد الجميع على القدوم إلى ديوان الغانم بعد صلاة المغرب، وعندها تمت مناقشة المواد الدستورية التي شبه تبلورت، وقد سأل الغانم الحضور إن الدستور ومواده التي تمت الموافقة عليها مرضية، وكان الإجماع تحت سقيفة الغانم "لا".

في اليوم التالي توجه عدد من المجتمعين في ديوان الغانم إلى الخبير الدستوري المرحوم عثمان خليل عثمان، وشرحوا له وجهة نظرهم، والذي وضع أهم مادتين في الدستور، هما أن يتم إعادة النظر بمواد الدستور خلال الخمس السنوات المقبلة، وأشترط أن تكون التعديلات للمزيد من الحريات.

ولكن الجميع تفاجئ بعد انتهاء أول مجلس نيابي مثالي أن يتم تزوير الانتخابات في انتخابات مجلس الأمة ١٩٦٧، وهو المجلس الثاني في الحياة الدستورية، وهنا يوضح جليا نقطتي التي أود الخوض فيها.

إن تجربتنا الديموقراطية لم تكن مثالية سوى في بدايتها، عندما آمن الجميع بالدستور، ولكن التجربة الإيجابية لم تدم طويلا، علق العمل به مرتين في السبعينيات ومنتصف الثمانينيات، ثم عاد إلينا المجلس الوطني سيء الذكر.

إن الدستور وضع بنوايا صادقة رغم التنازلات التي وضعت من قبل لجنة الدستور في المجلس التأسيسي، من المعلومات التي تستحق البحث، أنه عند مناقشة عضوية مجلس الأمة، كان ممثل الأسرة الشيخ سعد العبدالله راضيا على أن يكون أعضاء الحكومة خارج عضوية المجلس، ولك بعدها قدم المجلس تنازلات عدة مقابل تعديلها وضم الحكومة كأعضاء.

تنازل المجلس عن حق تعيين رئيس مجلس الوزراء، ولكن في المقابل أدرج في المذكرة التفسيرية للدستور التشاور مع رؤساء المجالس (مجلسي الأمة والوزراء) إضافة إلى الجماعات السياسية، وذكر لي الرضوان أن سمو الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم استقبل بعد أن انتخبت الأمة ممثليها، سمو الشيخ سعد العبدالله ممثلا عن الأسرة الحاكمة،عبداللطيف ثنيان الغانم رئيس مجلس التأسيسي، أحمد الخطيب عن الجماعات السياسية، يعقوب الحميضي ممثلا عن الشعب.





وأشار الرضوان إلى أنه تمت الاتفاق على كلمة التشاور، وفي الأصل الأخذ بالمشورة، إضافة إلى أن الخطيب دخل بورقة تضمنت قوائم بشخصيات رأى أنها وطنية، وهنا كرس مبدأ جديد بالترشيح شخصيا، وقد أخذ سمو الأمير الراحل عبدالله السالم ببعض ما ورد من القائمة من أسماء.



النقطة التي أريد أن أصل إليها، أن التعديل الدستوري أصبح ضرورة ملحة، وإن اختلفنا في التوقيت السيء، وتربص البعض للفرصة المناسبة للانقضاض عليه، ولكن هناك أمور عدة لا يمكن أن نتقبلها في الوقت الحالي، وهي التي تعيق الحياة الديموقراطية في الكويت، وإن كان سقف الحرية كان مرتفعا بعض الشيء، وأصبح الآن مرتفعا جدا.



إن التعديلات الدستورية يجب أن تنصب في مواد مهمة للغاية، أن يتم إعادة النظر في التعديلات التي قدمها النائبين السابقين مشاري العنجري و راشد سيف الحجيلان في ١٧ نوفمبر ١٩٨١، والتي تضمنت إخراج الحكومة من عضوية مجلس الأمة، إضافة إلى صحة انعقاد الجلسات دون حضورها إن إرتأت.

إضافة إلى طلبات عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، فلماذا يتميز رئيس الوزراء عن باقي وزرائه؟ إن حسبة عدم التعاون و طرح الثقة يجب أن تكون متساوية، وإن وضعت هذه المادة أثناء دمج رئاسة الوزراء بولاية العهد، فإن ذلك العهد قد انتهى بفصلها.

لماذا يحل مجلس الأمة كخيار إذا توصل مثلا إلى رقم طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء الـ ٢٥؟ إن الأصل في الحل هو حل الحكومة.


إن التعديلات على المواد الدستورية كثيرة لا يسعنا الحديث عنه في بوست واحد، سأحاول التحدث عن تلك التعديلات في القريب العاجل.

إن كانت التجربة الديموقراطية التي نعيشها هي مصدر للفخر، إلا أنها أصبحت مثل المركبة القديمة، والتي باتت تعمل عند ركلها، وإن استمتعنا في هذه اللحظات فإن القادم أخطر بكثير عن حاضرنا، إن ما يجب أن نفعله هذه الأيام التدبر في المستقبل واستشرافه، والبحث عن الحلول اللازمة بعقلانية للخروج من هذه الأزمة، وإن اختلفنا عن مسببها سواء الحكومة أو المجلس، ولكن كلاهما جاء من رحم هذا الدستور، الذي أوجد دولتنا المدنية.




1 comment: