لست اقتصاديا، ولكن من واقع التعايش مع الاقتصادييـن أخيرا، مرورا بالتقارير التي استلمتها للقراءة والتسلية خلال العطلة الصيفية، تكونت لدى فكرة عامة عن الوضع الاقتصادي النفطي الحالي.
خلال دور الانعقاد الثالث العادي للفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة، حاولت لجنة الميزانيات والحساب الختامي، احتساب صادرات و واردات الدولة، وذلك حتى تتمكن من إعداد تقاريرها اللازمة في احتساب الميزانية التقديرية للدولة.
ولكن الحكومة ومؤسساتها، والمقصود هنا هي مؤسسة البترول الكويتية ووزارة النفط حجبت المعلومات والأرقام اللازمة لتبيان هذه الحقائق، إضافة إلى أن وزارة المالية ووزيرها، حسب النصوص القانونية والدستورية لا يمكنهما أن يعدلوا الأرقام، وتبقى سلطة مجلس الأمة وحدها القادرة على تخفيض الميزانية وأبوابها.
وهنا يقاس الأمر بجانبين الإيجابي والسلبي، عند مناقشة ميزانية الدولة فإن الجهة المطالبة للميزانية وحدها لديها المبررات، وبإمكانها التعديل، أما مراجعة وزارة المالية تنحصر مراجعة الأرقام، ولا يوجد سند قانوني يمنحها الصلاحية للزيادة أو النقصان.
في صلاحيات مجلس الأمة، فإنه في حالة تخفيض الميزانية، فإنه لا يحق للحكومة أن تطلب اعتماد تكميلي إضافي للشق الذي جرى تخفيضه، وذلك لمبرراته الخاصة، والتي رافقت الرفض، وهذا أمر محمود.
الكويت حسب أرقام الميزانية التي استقرت عند 19 مليار و 435 مليون دينار، 10 في المائة من الايرادات الدولة تصرف على الدعم، والمقصود بالدعم، هي الدعومات التي تقدمها الدولة للمواطنين من دعم الكهرباء والماء، والبنزين والديزل، إضافة إلى التموين.
وفي النفس الوقت فإن تحصل الدولة إيراداتها بمقدار 91.5 في المائة من تصدير النفط، ومن المتوقع أن يصل الاعتماد الدولة على النفط العام المقبل إلى 95 في المائة، وهو مؤشر خطير جدا، إي بارتفاع عن العام ٢٠١١ بنسبة ٣.٥ في المائة.
إن الخطر يكمن في عدم وجود خطة في الأساس لمواجهة انخفاض قيمة البترول لأقل من 90 دولار، وإن انخفضت عن 86 دولار، فإن الدولة ستواجه خطر العجز خلال السنة المقبلة، ومن الخيارات الرئيسية لمعالجة الأمر سيكون ثمنة غاليا، وهما إما تخفيض العملة أو تخفيض رواتب الدولة، لمواجهة هذا العجز.
إن أسعار النفط غير مستقرة في الوقت الحالي، قد ترتفع قليلا خلال الربع الأخير من العام، ولكنه سينخفض مجددا، لاسيما أن الدول الأغلبية في "أوبك" رفضت زيادة الإنتاج.
إن تقدير الميزانية العامة للدولة لا يمكن أن يكون دون أن تكون هناك رؤية واضحة لأرقام المبيعات الأساسية من النفط، والمخزون الاستراتيجي للنفط للكويت، لذا لا يمكن لمجلس الأمة أن يضع سياسة اقتصادية ورؤية واضحة لميزانية الدولة خلال السنوات الخمس المقبلة، أو حتى المخارج لأي أزمة اقتصادية قد تحدث، لاسيما أن الاقتصاديين تنبؤا بأزمة اقتصادية قادمة خلال الأشهر القليلة المقبلة، هي الأعنف والأقوى من الأخيرة التي ضربتنا في ٢٠٠٨.
وشدد رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب عدنان عبدالصمد ان هناك خللا واضحا في الميزانية، ويجب ان نتعاون لنعيد ترشيدها، لافتاً إلى أن سعر البترول اذا انخفض عن 85 ـ 90 دولاراً سنضطر للجوء الى الاحتياطي العام لتغطية مصروفات الميزانية.
وأعلنت مؤسسة البترول الكويتية أن سعر برميل النفط الكويتي تراجع ٢.٧٢ دولار في تداولات الثلاثاء الماضي ليستقر عند مستوى ١٠٩.٤٢ دولار للبرميل مقارنة ب ١١٢.١٤ دولار للبرميل في تداولات الأحد الماضي، وهو الذي يضعنا في نقطة قريبة للتوقعات بانخفاضها لأقل ٨٥ دولار للبرميل.
ويضعنا أمام تسؤلات عديدة عن السياسة النفطية الكويتية للحد من الاعتماد على التصدير النفطي، وعن خططها الصناعية ذات الصلة؟ مجددا هل افتتح أعضاء مجلس الأمة هذه المسألة؟ لا.
في الكثير من الأحيان أشعر بأننا في دولة لا تأبه بما يحدث فيها.
(عالله)
ReplyDeleteهالكلمة إستخدمها مع الأسباب والمسببات والمبررات والحلول والقائمين عليها والوضع العام لك منها