Sunday, June 30, 2013

في رحيل أم يوسف.




في إبريل الماضي فقدت أعز إنسانة في حياتي، رحلت جدتي أم يوسف بعد صراع سبع سنوات مع المرض العضال، قاومت وقاتلت من أجل الحياة، وفاضت روحها الطاهرة بعد أن التقينا جميعاً الليلة التي سبقتها، كانت بصحة وعافية قويتين، بسذاجتي وشدة فرحتي لم أستوعب أنها صحوة الموت إلا في صبيحة اليوم التالي.

أكثر ما آلمني إني لم أحظى بفرصة توديعها، أن أقبل رأسها ويديها وقدميها، وهي أم يوسف التي بذلت الغالي والنفيس في تربيتي، ومنحتني جلّ اهتمامها رغم تقدمها في العمر، مذ ذلك اليوم لم أجد نفسي قادراً عن الكتابة أو حتى الحديث عنها، عن أي شيء أكتب أو أذكر؟

أأذكر لقاءاتنا الصباحية قبل ذهابي إلى مقر عملي؟، أم تلك المكالمات الطويلة الأسبوعية طوال فترة غربتي، والنصائح التي قدمتها لي؟، وإزالتها باستمرار من خلال رجاحة عقلها لكل الآلام التي أصابت ضلوعي، يؤلمني كلما حاولت التعبير عن أم يوسف، فكيف أختصر سيرة إنسانة كانت على قيد الحياة والاكتفاء بكلمة "كانت"، كيف يتحول إنسانة حية ترزق إلى مجرد ماضي أو ذكرى عابرة؟

سيبقى آخر لقاؤنا جمعني بك محفوراً في عقلي، قبل أن يبدأ المرض اللعين في الانتشار، ويسلبك مني، كنت في ذلك الوقت في طريقي إلى المطار، واعتدت دائما على زيارتك قبل مغادرتي، طالب في السنة الثالثة في الجامعة، أحفظ كل كلمة من ذلك اللقاء، خاصة وصيتك الأخيرة لي قبل الوداع، ولا زلت متمسكا بتلك الوصية.

يتعصر قلبي كلما تذكرت تلقي خبر وفاتك في الثامنة والنصف صباحاً من ذلك الثلاثاء، وشريط الذكريات في طريقي إلى منزلك، لم أكن مستوعباً وأنا وخالي يوسف عندما حملناك إلى "المغيسل" إنها المرة الأخيرة التي سأراك فيها، ولم أتمكن من إلقاء النظرة الأخيرة قبل إتمام مراسيم الدفن، فقلبي لا يقوى على الوداع.
اليوم فقط عرفت شعور اليتيم من بعدك يا أم يوسف.

إبريل 2013.

1 comment: