”
ليس من شيء يثبت شيئا ما في الذاكرة مثل الرغبة في نسيانه".
ميشيل
دي مونتين
احتسيت
قهوتي الصباحية في مقرنا المعتاد في "جورج تاون"، لكني جلست منفرداً هذه
المرة، لست معتاداً على الجلوس هنا منعزلاً، وكل ما استطعت فعله لتفادي الموقف هو
إشغال نفسي في الكتابة، أدون كل الأفكار التي استلهما من كوب قهوتي الساخن، لم يكن
ذهني في هذه الدرجة من الصفاوة منذ فترة طويلة.
بدأت
استوعب القصائد الكثيرة التي نظمها محمود درويش أثناء فترات اغترابه مع كل رشفه من
قهوتي، لم أكن استوعب تفاصيل قصائده، إلا أنني منذ دخولي المقهى فإني أكاد أجزم
أنه ذاته المقهى على شارع الغرباء الذي جمعنا على طاولته منذ سنوات.
كنا
سائحان ضلا بشهما طريقهما في الأسبوع الثاني من ديسمبر إلى هنا، وانتظرنا سيارة
الأجرة التي طلبتها من دليل الهاتف الذي زودنا به أحد العاملين في المقهى، بينما
لم تبخل السحابات بزخات المطر والريح البارد الذي لم يكن الفتى العربي الآتي من الصحراء
القاحلة متعوداً على مثل هذا المناخ القاسي، أوصلتنا سيارة الأجرة إلى فندقي،
بينما اتخذت محطة القطار في الشارع المقابل.
دون
الدخول في التفاصيل أقولها الآن، إني لم أكن على قيد الحياة اليوم، لم أكن أعلم
بخبرتي القليلة كيف بإمكان الزمن والدروب والحماقات قد تؤثر علينا وعلى تكوين مستقبلنا
في ثوان معدودات.
سأغادر
خلال ساعات قليلة إلى ولاية آيوا، وأجد نفسي متعلقا لأي شيء إيجابي.
انتهى
أكتوبر 2012
كمقهى صغير على شارع الغرباء
هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع.
كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ:
إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،
وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا
أنا ههنا - يا غربيةُ - في الركن أجلس
ما لون عينيكِ؟ ما اسمكِ؟ كيف
أناديك حين تَمُرِّين بي، وأنا جالس
في انتظاركِ؟
مقهى صغيرٌ هو الحبُّ. أطلب كأسي
نبيذٍ وأشرب نخبي ونخبك. أحمل
قبّعتين وشمسية. إنها تمطر الآن
تمطر أكثر من أي يوم، ولا تدخلين
أقول لنفسي أخيراً: لعل التي كنت
أنتظرُ انتظَرَتْني ... أو انتظَرتْ رجلاً
آخرَ - انتظرتنا ولم تتعرف عليه / عليَّ،
وكانت تقول: أنا ههنا في انتظارك
ما لون عينيكَ؟ أي نبيذْ تحبُّ؟
وما اسمكَ؟ كيف أناديك حين
تَمُر أمامي
محمود درويش.
للقصائد وجهان
ReplyDeleteوجهٌ تظهره عندما نحاول أن نعيشها
ووجهٌ تضهره عندما تعيشنا هي
:)
كم انت مختلف هنا
ReplyDelete..