إلى الإله،
إنك الوحيد في هذا الكون الذي خلقته بيديك ذات يوم تعرف ما في الصدور و الأفئدة، خلقتني كما خلقت غيري من نطفة، طين، ثم سويتني رجلا، علمتني الأسماء كما علمتها جدي أدم، أنزلتني من ملكوتك إلى الأرض، لأسباب أجهل معظمها سوى أن جدتي حواء أغواها الشيطان الذي خلقته من النار، واقتضمت ثمرة من تلك الشجرة، و التي من المفترض أن لا تمسها بسوء، ولكنها فعلت على أية حال، كل ما عرفته من مطالعتي المستمرة لدياناتك التي أنزلتها على عبادك خلال الأزمنه المختلفة أنك وجدتني لعبادتك و تعمير هذا الكون بمجراته الضخمة، بفضائه الواسع، و مع هذا فإنك تملك كل مفاتيح المعرفة و العلوم، و لم تزودتني بعلمك إلا قليلا.
الفؤاد الذي خلقته كما خلقت كفة يدي الطينية هذه، يعرف تمام المعرفة إن هناك المئات من الأولوف في العالمين يؤمنون بك و بوجودك، يدخلون في دينك مع كل دقيقة و ثانية، يؤمنون بالإله بالصفات التي وصفتها نفسك، في أسمائك الحسنى بعزتك و جلالتك، إلا إنني لست من ضمن هؤلاء، لم أرغب أن اتبع ديانة أسلافي، أتبع أساطير الأوليين، لم أرد أن أتبعهم كما أتبع قوم نبيك إبراهيم أجدادهم، عبدوا أصناما لا تنطق، لا تتحدث، لا تعطي إشارات لوجودها، إلا أنهم مقتنعين بأن تلك الأصنام هي أنت، سبحانك تعاليت عما يشركون، لم أرد أن أدخل في دين لم أقتنع به، تلقيت علومه فرضا، وليس اختيارا،أردت أن تهديني أنت إلى سراطك المستقيم، الذي أشرت إليه في نهاية أول سورة في قرآنك الكريم المنزل، والتي نبدأ بها صلاتنا في مقابلتنا إليك خمس مرات يوميا، والتي نختمها دوما بـ آمين.
ليس هناك مجالا للنفاق، وأنت يا رب العزة أنزلت سورة كاملة أهديتها للمنافقين، علمت نبيك بأمرهم، و فضحت أعمالهم، على الرغم من نزول تلك الآيات و السور لآلاف السنين، إلا أن أطباع تلك الفئة لا زالت محافظة على نفسها، بصفاتها البغيضة، ليس هناك مجالا لأنافقك على ما أنت أكثر دراية فيه، كل ما أردته، أن تكون هدايتي إلى دينك عن قناعة، عن ثقتي بك، أن أجد الطريق إليك بأي ثمن، فأنا إنسان خلقته، لم تواجهني بنبي أصدقه، لم أواجه رسولا يقنعني بك، لا أمتلك حيلة لأجدك سوى في الكتب التي أنزلتها على عبادك، بعضها المحرف، و الآخر مجرد كلام و معاملات، سوى قرآنك الذي أنزلته، و الذي وعدت على صيانته من تحريف أيدي الكذب و النفاق.
أردت أن يكون إسلامي إليك، و هدايتي لدينك مماثل لنبيك موسى و أخيه هارون، عندما اعتلى الأول ذلك الجبل، باحثا عن شيء ليطمئن قلبه على أنه على حق، لم أرد أن أكون مثل أتباعه، الذين غلفت قلوبهم المريضة و زدتهم مرضا، أشركوا بك بنعجة ذهبية، أشتروها من السمرائي الأخرق، أراد أن يتاجر على حسابك.
إلهي، أنت الوحيد تعلم مدى شعوري بالألم و الأسى على فراق الكثيرين من حياتي، عبدالله الذي قبضت أمانته في ١٩٩٩، و خالد الذي رحل بعد نطقه الشهادتين في حادث مروري مأساوي، أما عني.. كدت أن تقبض روحي في ليلة الجمعة، ولا زلت أجهل لماذا لم أكن في تلك المركبة، تراجعت فجأة من النزوح من منزل سالم البحري إلى المدينة.
أردت ليلتها الرجوع إلى المنزل بشدة، ولكن لا أعرف لماذا لم أصعد المركبة مع يحي، الذي قبضت روحه في حادث مأساوي، أصطدم ليلتها في " صبة " حديدية في طريق الملك فهد، انفجرت ماكينة المركبة، لتلتهم النيران جسده، و أثنين من معه، من المفترض أن أكون أنا رابعهم، ولكن سالم نهاني من الرجوع إلى البيت ليلتها، و أطعت كلامه، لأنه بمثابة أخي الأكبر.
إلهي، لا زلت أشعر بحسرة و حرقه بالقلب كلما تذكرت تلك الحادثة، حلمت، وأنا لست من الذين يحلمون أبدا،بـ يحي، في لحظاته الأخيرة، النيران تلتهم جسده و بدنه، الأبواب موصدة، و النوافذ معطلة،حبيس بين النيران، يعلوا الصراخ، ولا أحد يستطيع الاستماع إليهم، وأنا عاجز عن فعل أي شيء، أمام تلك المركبة، أمام ذلك الحادث، كل ما رأيته بعد سماعي بالخبر، بقايا المركبة المحطمة كليا، و عظام متفحمه متناثرة.
إلهي، حشى.. لست أنا من يتطاول عليك بالحديث، أو بالقول، بل على النقيض، و أنت الذي تقدر ولا أقدر، تعلم و لا أعلم، وأنت علام الغيوب، أنت في غنى عنا جميعنا، ونحن الذين بحاجة إليك، فأنت الغني، الجبار، المتكبر، الخالق، المصور، يسبح باسمك ما في السموات و الأرض، آمنت بك.
إلهي، في الرحلتين الأخيرتين إلى بيتك العتيق، و ديارك الآمنة ...
نهاية الصفحة الأولى من مذكرات مكة الثانية*
مارس ٢٠١٠
الله يرحمهم برحمته ويجزيهم خير الجزاء
ReplyDeleteما تدري يا خوي, كل امورنا خير باذن الله ومهما كان ظاهر المصاب قاسي وبشع ونعجز عن تقبله فباطنه الرحمة باذن الله
الواحد شلون يتصبر على المصايب الا باليقين وحسن الظن بالرحمن الرحيم
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
ReplyDeleteقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك"
أنتظر الصفحة الثانية ..،
ReplyDeleteالحديث هادئ هنا//
بوست يشرح الصدر
ReplyDeleteهذه النصوص تثير فكري وقلمي..،
ReplyDeleteالوصول إلى درجات عالية من حب الله والتعلق به سبحانه..
وتعمق اليقين في دواخلنا..
يكسبنا شعوراً آآآخر..،
شعور الطمأنينة والراحة والإنشراح الذي يملؤنا بمقدار حبنا لله تعالى وتقربنا منه ولجوؤنا إليه في كل حال..،
واليقين الذي يتعمق في قلوبنا بأن كل ما يحدث لنا يحمل من الخير المخبئ لنا الكثييييير ..،
ويأتي يوم ونعرفه وفي أشيا نظل نجهلها لأن هذا أفضل لنا..،
الأسبوع الماضي كنت أبحث في تفسير الآية 17 من سورة السجدة :
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)
و وقفت طويلاً هنا..،
قال الحسن البصري: أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين ولم يخطر على قلب بشر
//
لما ننظر إلى رحمة الله بنا ونتفكر في أمور حياتنا ونربطها بقدر الله وحكمته جداً تتغير نظرتنا للأمور ..،
الحمدلله ..من فترة الربط صار عندي ضروري وأنا اللي ما كنت أفكر بهذا العمق في الأحداث اللي تمر علي ولا كان يخطر على بالي ..،
لما نشكي همومنا وأحزاننا لله نطيب،
الله يرحمهم جميعاً/
بس تأكد إن رحيلهم خير لهم من مصائب يمكن كانت تصيبهم في الدنيا لا يعلمها إلا الله وحده/
وخيرة لك انت عشان يزداد قربك من الله
وحرقة القلب والفقد لابد منهم وخير لأن تلين قلوبنا من القسوة//
3sa ma shar?
ReplyDeletewaiting for new post