لفت نظري
كثيراً ما يثار أخيراً على الساحة السياسية بشأن إحالة مجلس الوزراء قانون
الانتخاب في الشق بالدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية، وحدد القانون أمر
الإحالة إما لمجلس الوزراء منفردا أو بقرار صادر من مجلس الأمة بعد التصويت عليه،
ويشمل في التصويت أعضاء المجلس من الحكومة والنواب.
وهنا علينا أن
نعي ضرورة احترام الإجراءات القانونية والدستورية وإن اختلفنا في الرأي، توقيت
الحكومة في الإحالة والغرض من إطالة عمر مجلس الأمة 2009 العائد في المحكمة
الدستورية أمر سهل تفسيره، ولكن قرارات السلطة حتى الآن دستورية ولا يحق لنا – أنا
على الأقل- الاعتراض عليه مع التشديد على أن لا نشكك في أحكام القضاء، وإن كنا
بحاجة ماسة إلى قانون يجيز مخاصمة القضاء في أسرع وقت ممكن مع استقلاليته ماليا
وإداريا ليتم فصل السلطة القضائية كليا، حتى تطمئن نفوسنا.
أما في ما
يتعلق في الجزء الأكثر جدلا ونقاشا حاليا ينصب نحو حكم المحكمة الدستورية بإبطال
مجلس الأمة 2012 بسبب أخطاء إجرائية صحيحة، وتعليقي الشخصي على هذا الحكم هو أنه
جاء لمصلحة المواطنين، لاسيما أنه نظر مراسيم أميرية قاضية بحل مجلس الأمة وبطلان
الدعوة للانتخابات في آن واحد، المسألة ليست الأولى في بطلان مراسيم أميرية،
ولكنها الأولى في هذا النوع.
المقارنة
ببطلان مجلس 2012 ومقارنته مع ما جاء في عدم نظر المحكمة الدستورية في حل مجلس
1985 غير منصف على الإطلاق ولأسباب منطقية أشرحها في التالي، أن صحيفة الطعن في
1985 نصت مباشرة على الطعن في مرسوم الحل، أما في مجلس 2012 تم الطعن على مرسومي
الحل والدعوة إلى الانتخابات، وهنا يأتي الفرق، ولو أتى الطعن بالحل فقط لرفضت
المحكمة النظر فيها مجدداً.
أتفهم امتعاض
الكثير من توجه الحكومة للطعن لكون قانون الانتخاب معرض للطعن لعدم عدالته، وهنا
تقع الحكومة بحرج شديد، فإن صدر حكم "الدستورية" بعدم دستورية الدوائر
الخمس، فإن الدوائر الـ25 معرضة للطعن ذاته لكونه غير عادل ويعاني من المثالب
ذاتها، ما الحل؟
لا أؤيد شخصيا
تغيير الدوائر الانتخابية، ولكني أرى الحل الوسط هو العودة إلى الأصل، بحيث تعود
الدوائر كما كانت في المجلس التأسيسي عبر العشر دوائر،قيتم من خلالهما
تعديل قانون الانتخاب، بشرط أن تعتكف الحكومة من اليوم لإعداد القانون بشكل جدي
وعادل، وبإمكانها إن أرادت تزودا أن تحل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة بعدها إن
أرادت، أو استمرار المجلس ذاته.
أنا لست من
مؤيدي رئيس مجلس الوزراء الحالي سمو الشيخ جابر المبارك ولا سلفه، وكنت أول من
انتقدته منذ توليه رئاسة الوزراء وبإمكانكم العودة لموضوع العهد الجديد الذي نشرته
في السابع من ديسمبر 2011 بعد يوم واحد من حل مجلس الأمة 2009.
ما المقصود
بالطعن في مرسوم الدعوة للانتخابات؟ إن المحكمة الدستورية ببساطة ترى أن الطعن في
نتائج انتخابات مجلس الأمة 2012 هي نتيجة للدعوة للانتخابات، وإن كانت الإجراءت
التي تمت إلي الدعوة خاطئة، فهذا يعني بطلان الانتخابات بأكملها، وهنا موقع الخلل،
فإن بطلان الدعوة الانتخابات أبطل بطريقة غير مباشرة مرسوم الحل، لأن المرسومين
صادرين من حكومة غير دستورية وغير مكتملة الأركان، بحيث تم إصدار المرسومين من قبل
رئيس مجلس الوزراء المكلف والذي لم يشكل حكومته بطريقة دستورية، وإنما أدى اليمين
الدستورية بشكل منفرد.
وكان من حسن
الحظ أن رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد تقدم باستقالته بشكل
منفردا، ما أدى إلى استقالة مجلس الوزراء بأكمله جراء هذه الاستقالة والاستمرار في
تصريف العاجل من الأمور، ولو كان المحمد تقدم بمرسوم حل مجلس الأمة وفق المادة 107
من الدستور فإن المحكمة الدستورية مضطرة إلى إرجاعه مجددا كرئيس لمجلس الوزراء،
وهذه مسألة تم تداولها على نطاق ضيق بين عدد من القضاء ومن أساتذة القانون
الدستوري.
المسألة
الأخيرة التي أود الخوض فيها، هو أن الحكم ذاته السالف الذكر ورد صراحة باسترجاع
مجلس الأمة 2009 سلطتة التشريعية، كيف يسترد مجلس الأمة سلطته التشريعية، والمقصود
بذلك استئناف مجلس الأمة انعقاده ويأتي ذلك من خلال الدعوة لجلسة عادية علنية
للنظر في جدول الأعمال وهذا واضح وجلي.
من وجهة نظري
الشخصية، أن قسم الحكومة أمام المجلس واجبه للتقدم بمرسوم حله، وذلك يأتي صراحة في
المادتين 80 و91، وهنا أود التوضيح أن الوزراء ملزمون بالقسم أمام سمو أمير البلاد
لتفعيل عضويتهم التنفيذية في إدارة الوزارة وعضويتهم في مجلس الوزراء، أما المادة
91 فهي لتفعيل عضويتهم في مجلس الأمة، وفي حالة عدم تفعيلها يأتي السؤال كيف
لحكومة لم تفعل عضويتها في مجلس الأمة أن تقدم مرسوم لحله؟ وهذا ما يعرض كل ما
تفعله للطعن مجددا أمام المحكمة الدستورية، وهي حجج مقنعة جداً من وجهة نظري.
إن اجتماعات مكتب المجلس وغيرها من الأمور الإدارية فهي أمور إجرائية تنص عليها اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولا يعني ذلك استرداد سلطتة التشريعية، والاسترداد يكون عبر انعقاد المجلس، ويكون خيار إقرار القوانين أو فض مجلس الأمة بعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمامه.
إن عودة رئيس مجلس الأمة هي تنفيذا لحكم المحكمة لكونه رئيسا منتخبا، وهذا يأتي تنفيذا جزئيا للحكم ولا يعني ذلك بالضرورة استرجاع المجلس شرعيته.
No comments:
Post a Comment